اسمك*
الخدمة*
الدولة*
المدينة*
عنوان بريدك الإلكتروني*
رقم هاتفك*
المبلغ $*
بقلم: ياسمين يوسف
يقول فيكتور فرانكيل، مؤسس العلاج بالمعنى، “نحن نتحسس مهمتنا في الحياة بدلاً من أن نخترعها”. أي أننا نحاول استنتاج ما ينبغي أن تكون عليه حياتنا بناءً على معطيات حددها آخرون لنا، بدلاً من اختراع الحياة التي نريدها.
We detect, rather than invent, our mission in life
اليوم نتناول موضوعًا في غاية الأهمية وهو يتعلّق بهدفك في الحياة. نتناوله في سياق اسم الله “المُبديء”، و”الباريء”، و”البديع”، و”الواجد”. إن الله عزّ وجلّ يخلق من عدم ويُبديء ويبرأ ما لم يكن موجودًا من قبل. فلماذا نسير في الحياة “نختار من بين متعدد” بدلاً من أن نفكّر في احتمالات جديدة تمامًا لم تكن موجودة في قائمة الاختيارات من قبل؟ ما هي بعض الأمثلة؟
اختيار من متعدد
نحن نختار مما هو موجود بدلاً من أن نوجد شيئًا جديدًا، فتطول فترة الرتابة والجمود، بطول فترة تقيّد الفرد بما هو كائن وغفلته عن السعي في اتجاه ما يمكن أن يكون.
لماذا تسير خلف توقعات المجتمع أو تحصر رؤيتك في الخيارات التي يقول لك الآخرون أنها الاحتمالات الوحيدة لديك؟ سواء كان هذا هو خيارات دراسة أو عمل أو زواج أو غير ذلك من أمور الحياة. يومًا ما ستعلم أن كل صندوق هو قالب جامد تم استخدامه لهدفٍ ما وحان الوقت لصنع شيء جديد. ستدرك أن كل ما حدث هو صفحة طويت في كتاب وحان الوقت لبداية صفحات جديدة وكتب أخرى. يومًا ما ستدرك أن كل صندوق تقيّدت به كان قبرًا أو نعشًا لا حياة فيه وإن كان مريحًا وآمنًا.
اختبارات الشخصية
الكثير منا يلجأون لاختبارات الشخصية ليفهموا أنفسهم. وهذا رائع. ولكن المشكلة تحدث عندما نسيء قراءة تقارير تلك الاختبارات. تلك الاختبارات لا تخبرك من أنت وماذا يمكن أن تكون. بل فقط وببساطة تقول لك “هذا ما أنت عليه الآن”. المشكلة تحدث عندما يقول أحدهم “اختبار الشخصية أظهر أني إنسان متسلّط أو غير غير مبادر. هذه هي شخصيتي ولا أستطيع تغييرها، ماذا أفعل”؟!
نحتاج أن ندرك أن الأمر تمامًا مثلما تقوم بإجراء تحليل طبي ويخبرك الطبيب أن نسبة الحديد عندك منخفضة. هل يعني هذا أن هذا هو ما ستظل عليه طوال حياتك؟ كلا، فقط يعني هذه هي حالتك الآن في هذه اللحظة وعليك العمل لرفع نسبة الحديد. كذلك اختبارات الشخصية تخبرك عن نمط حياتك الآن بناءً على كيفية استجابتك للأمور الآن. ولكن لا يعني هذا أن هذه هي شخصيتك الثابتة التي لن تتغير. والدليل على ذلك، أن نتائج الاختبار تتغير إذا أعدت الاختبار بعد عدد من السنوات. شخصيتك تتغير بالعلم، والخبرات، والتحديات، وإرادتك، واختيارك استجابةً لكل ذلك. اختبار الشخصية هام لمعرفة أين أنت. ولكنه لا يخبرك من يمكن أن تكون. وفي هذا الشأن يقول شان إيكور، باحث السعادة في جامعة هارفارد، أن موسوعات الأرقام القياسية، تخبرنا بما استطاع الإنسان بلوغه. لكنها لا تخبرنا بما يمكن للإنسان أن يبلغه في المستقبل.
لا تستلم لفكرة أنك مجبول على شيء معين لا يمكنك تغييره. نعم لديك مواهب فطرية أنت أقوى فيها من غيرها. ولكنك يمكنك اكتساب المهارات التي تحتاجها إذا أردت ذلك بإذن الله. ويمكنك صناعة شخصية جديدة بالمواصفات التي تحبها وتختارها. يمكنك أن تصبح أكثر حلمًا، أو شجاعة، أو ثقةً بالنفس أو مبادرة. الأمر يحتاج لمنهجية صحيحة ولممارسة لإصرار. وكما قال الحبيب ﷺ “وإنما الحلم بالتحلّم”.
والأمر لا يعني أيضًا أنك ستحصل على كل شيء ترسمه وتريده. نحن مؤمنون بالله ﷻ ونعلم أنه يحول بين المرء وقلبه ونعلم أنه يعلم ولا نعلم ونطمئن لتقديره الإلهي والذي قد يبسط على أساسه الرزق لنا أو يقدره. وأيضًا نحن غير مفصولين عن الواقع وندرك أن هناك عوامل خارجية وقوانين تحكم الحياة، قد تعرقل جهودنا في الوصول لما نسعى إليه. ولكن عقل المؤمن بالله ﷻ البديع، الواجد، المُبديء، الخالق، يفكّر دومًا في الحلول وفي إدارة العراقيل وتذليل الصعاب بطرق إبداعية. ولا يتوقف عباد المعيد سبحانه، عن إعادة المحاولة وإعادة التخطيط وإيجاد طرق مختلفة لتحقيق الأهداف أو إيجاد أهداف جديدة بالكلية.
المستقبل غيب لا نعلم عنه نحن شيئًا. فلماذا نصِّر على تقييده بقوالب الماضي ومحدودية الحاضر، بينما هناك احتمالات لا نهائية لما يمكن أن يحدث فيه! تقنية اللاسلكي لم تكن إحدى الخيارات يومًا ما. السفر بالطائرة، لم يكن يخطر على بال أحد يومًا ما. العديد من فروع العلوم تولد كل يوم. الحياة متجددة وليست اختيار من متعدّد.
إن تطور الحياة على الأرض يحدث بالإضافات النوعية الجديدة التي يضيفها كل منا إلى التراث الإنساني، سواءً كانت تلك الإضافات في الأفكار، أو الفن، أو الاختراعات، أو منهجيات البحث، أو طرق التربية، أو التواصل، أو غيرها من المجالات المتاحة وأيضًا تلك التي لم نخترعها بعد. الحياة الطيبة تصبح أكثر إبداعًا وجمالاً وحيوية خارج الصندوق!